• !
admin

أحكام الزكاة مقدار الواجب في الأموال الزكوية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.
أما بعد:
فإن أصـدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.
أيها الإخوة المؤمنون: أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، قال الله تعالى:. ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43] وروى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»[1].
والزكاة تجعل صاحبها من المفلحين في الدنيا والآخرة، فقد قال الله تعالى:﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 4].
والزكاة أيها المسلمون تطهِّر صاحبها من الذنوب والمعاصي وتزكيه في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].
فالزكاة شأنها عظيم، وهي من أعظم فرائض الإسلام، روى الترمذي، وصححه عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ. قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ»[2].
عباد الله، إن الزكاة واجبة على كل من ملك نصابا إذا حال عليه الحول، والأموال الزكوية أربع وهي:
النوع الأول: النقود، وتُسمى: (الأثمان)، وهي ثلاثة أصناف: الذهب، والفضة، والأوراق النقدية التي قامت الآن مَقام الذهب والفضة.
ونصاب الذهب: عشرون دينارًا، ويُساوي بالجرام (85) خمسة وثمانون جرامًا، وقيل: اثنتان وتسعون جرامًا.
ونصاب الفضة: خمس أواق، وهي مئتا درهم، وتُساوي بالجرام (595) خمسمائة وخمسة وتسعون جرامًا.

ونِصاب الأوراق النقديَّة: هو نصاب الذهب أو الفضة؛ لأنها حلت محلهما في الثمنية، فإذا بلغَت نِصاب أحدهما وجبَت فيها الزكاة، والغالب تقدير نصاب الأوراق النقدية اليوم بالفضة؛ لأنها أرخص من الذهب فتبلغ نصابها قبله، فإذا ملك المسلم ما يُعادل قيمة (595) جرامًا من الفضة، وحال عليه الحول وجبَت فيه الزكاة وقيمة جرام الفضة تتغيَّر من وقت لآخَر، ونصاب الأوراق النقدية هذه الأيام قرابة 1700 ريال فمن كان عنده مثل هذا المبلغ وأكثر وحال عليه الحول فقد وجبت عليه الزكاة.
وليعلم أن الزكاة تجب في جميع الأوراق النقدية التي يَملِكها المسلم؛ ولو كان يجمعها لبناء منزل أو زواج أو شراء سيارة أو غير ذلك من الحوائج، إذا حال عليه الحول وهو في ملكه.
النوع الثاني: عُروض التجارة، وهي: كل ما أُعِدَّ للبيع والشراء من أجل الربح والتكسُّب. ويشمل ذلك جميعُ أنواع الأموال من العقارات، والسيارات، والملابس، والأقمشة، والحديد، والأخشاب، والمواد الغذائية، والحيوانات، وغيرها مما أعدَّ للتجارة.
ونصاب عروض التجارة هو نصاب الذهب أو الفضة، فإذا بلغَت قيمة العروض نصاب أحدهما وجبَت فيها الزكاة، والغالب تقديرها بالفضة؛ لأنها أرخص من الذهب فتبلغ نصابها قبله، فإذا ملك المسلم من العروض ما يعادل قيمة (595) جرامًا من الفضة وحال عليه الحول وجبَت فيه الزكاة.
والواجب إخراجه في الزكاة من عروض التجارة: ربع العشر، وهو: (2.5) في المائة منها أو من قيمتها.
وطريقة إخراج زكاتها: أن تُقوَّمَ البضائع المعدَّة للبيع عند حلول وقت الزكاة بما تساويه في هذا الوقت، سواء أكانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أم أقل أم أكثر، ويُضاف إليها السيولة الناتجة عنها، ثم يخرج منها ربع العشر (2.5) في المائة.
وأسهل طريقة لإخراج مقدار الزكاة الواجبة من العروض والنقود هي: أن يجمع المبلغ المقدر لقيمة عروض التجارة مع السيولة الناتجة عنها، ثم يقسم على (40 أربعين) والناتج هو الزكاةُ الواجب إخراجها.
النوع الثالث من انواع الأموال التي تجب فيها الزكاة: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، ولا تَجِب الزكاة فيه حتى يبلغ نصابًا وهو خمسة أوسق، كما دلَّ على ذلك حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة) والوسق: ستون صاعًا بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكون النِّصاب: ثلاثمائة صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم.
ومقدار الزكاة فيه إن كان يُسقى بلا كلفة ولا مؤونة، كما لو سُقي بماء المطر، أو العيون، ففيه العشر.
وإن كان يُسقى بكلفة ومؤونة، كما لو احتاج آلة ترفع المياه ففيه نصف العشر.
النوع الرابع: بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم ضأنًا كانت أم مَعزًا، إذا كانت سائمةً وأُعدَّت للدرِّ والنسل.
والسائمة هي: التي ترعى الكلأ النابت كل السنَة أو أكثرها، فإن لم تكن سائمةً فلا زكاة فيها، إلا أن تكون للتجارة، فإذا كانت مُعدَّةً للتكسُّب بالبيع والشراء فهي عروض تجارة تُزكى زكاة تجارة، سواء أكانت سائمةً أم معلوفةً، إذا بلغت نصاب التجارة بنفسِها أو بضمِّها إلى تجارته من غيرها.
ويشترط لزكاة السائمة من بهيمة الأنعام أن تبلغ نصابًا، وأقل النصاب في الإبل: خمس، وفي البقر: ثلاثون، وفي الغنم: أربعون.
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والبيان، أقول هذا القولَ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً. أما بعد:
عباد الله اتقوا الله وأدوا زكاة أموالكم، واعلموا أن ترك الزكاة له عقوبات عاجلة فمن العاجلة: منعُ القطرِ من السماء الذي به حياةُ الناس والبهائم، ونموُّ الأشجار والثمار، وفي الحديث: "وما مَنَعَ قومٌ زكاةَ أموالهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ".
وأمَّا العقوباتُ الآجلة، فهي أشدُّ من ذلك، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة:34-35].
وكلُّ ما لا تؤدَّى زكاتُه، فهو كنزٌ يعذّبُ به يومَ القيامة، يدُلُّ على ذلك الحديثُ الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قالَ: "ما مِنْ صاحبِ ذهبٍ ولا فضة لا يؤدِّي حقَّها إلا إذا كانَ يوم القيامة صُفِحَت له صفائحُ من نارٍ، فأُحْمِيَ عليها في نارِ جهنم، فَيُكوى بها جنبهُ وجبينه وظهرُهُ، كلَّما بَرَدت أُعيدت له في يومٍ كان مقدارُه خمسين ألف سنة حتى يُقْضَى بينَ العباد، فيرى سبيلَه إما إلى الجنةِ وإما إلى النار".
وقال تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:180].
يدُلُّ على ذلك الحديثُ الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قالَ: "مَنْ آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاتَهَ مُثِّلَ له شجاعاً أقرع -أيْ: ثعباناً عظيماً- كريهَ المنظر، له زبيبتان يطوِّقُهُ يوم القيامة، ثم يأخُذُ بِلَهْزِمَتَيْه -يعني: شدقيه- ثم يقولُ: أنا مالُك، أنا كنزُك".
عبادَ الله، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.
اللهمَّ صلِّ على محمّد وعلَى آل محمّد كمَا صلّيت على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم
اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهد لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، اللهم وانصرهم وأيدهم ياحي ياقيوم.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admin
 0  0  394