حب الأوطان
الحمد لله جَلَّ جَلالُهُ، وعَزَّ جَاهُهُ، وعَمَّ نَوالُهُ، وكَثُرَ عَطاؤهُ، وتَقَدسَتْ صِفاتُهُ وأَسماؤهُ، نَحمِدُهُ عَلى مَا أَفَاضَ من النِّعمِ، ومَا صَرفَ ووَقَى من الشُّرورِ والنِّقمِ، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ نَبيَّنا وقُدوتَنا مُحمداً عَبدُ اللهِ ورَسولُهُ، صَلَّى اللهُ وسَلمَ عَليهِ وعَلى آلِهِ وأَتباعِه أَجمعينَ، أماَ بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ أيها الناس حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله:
الحَديثُ عَن حُبِّ الأوطانِ، هو حَديثٌ يُثيرُ الأشواقَ والأشجانَ، حَديثٌ عَن فِطرةٍ في الإنسانِ والحَيوانِ، فالبَشرُ حَنينُها إلى أوطانِها، والدَّوابُّ إلى مساكنِها، والإبلُ إلى معاطنِها، والطُّيورُ إلى أَوكارِها، والأسماكُ إلى بِحارِها، عَلاقةٌ غَريبةٌ بينَ المَخلوقاتِ وبينَ التُّرابِ، حَتى أصبحَ مُفارقَتُهُ قطعةً من العذابِ، وفي الحَديثِ: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ".
الوطنُ: قِصَّةٌ كَتَبَها التَّاريخُ بِدِماءِ المُجاهدينَ، وبِعَرقِ المُكَافِحينَ، وبِصَبرِ الأَوَلينَ، وبِدُعاءِ الصَّالحينَ، الوطن .. هو ماضينا وذكرياتُنا، هو حَاضرُنا وتَضحياتُنا، هو مُستقبلُنا وأمنياتُنا، فيهِ تَعلَّمنا الجُودَ والفَيضَ والعَطاءَ، وعَلى أرضِه تطيبُ المُبادرةُ التَّضحيةُ والنَّماءُ، وله يَهونُ التَّعبُ والمَشقةُ والبِناءُ.
حبُّ الأوطانِ في قلوبِ النَّاسِ كالجبالِ، ولو لم يكنْ فيها شيءٌ من الجمالِ، يقولُ القَزوينيُّ في آثارِ البلادِ وأخبارِ العبادِ عن بلدةِ الرَّصَافةِ: ومن عَجيبِ هذه البَلدةِ، أنَّ ليسَ بها زرعٌ ولا ضَرعٌ ولا ماءٌ، ولا أَمنٌ ولا تجارةٌ، ولا صَنعةٌ مَرغوبةٌ، وأهلُها يَسكنونَها .. ثُمَّ قَالَ: ولولا حُبُّ الوَطنِ لخَربِتْ، وصدقَ القائلُ:
بلادٌ أَلِفنَاها على كُلِّ حَالةٍ *** وقد يُؤْلَفُ الشَّيءُ الذي لَيسَ بالحَسنْ
وتُسْتعذبُ الأرضُ التي لا هَواءَ بها *** ولا ماؤها عَذبٌ، ولكنَّها وَطَنْ
ويقول الآخر:
وللأوطان في دمِ كلِ حُرٍ *** يدٌ سلفت ودينٌ مستحقُ
عباد الله: إن أغلى ما يملك المرء الدين والوطن، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه؛ لأنه مهد صباه ومدرج خطاه ومرتع طفولته، وملجأ كهولته، ومنبع ذكرياته، وموطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، لذلك كان من الحقوق والواجبات الاجتماعية في الإسلام والتي غرسها في فطرة الإنسان حقوق الوطن والأرض التي يعيش فيها ويأكل من خيرها ويعبد الله تحت سمائها، وأول هذه الحقوق الحب الصادق لهذا الوطن.
وكانَ صلى الله عليه وسلم يُحبُّ مَكةَ حُباً شَديداً، ثُمَّ لَمَّا هاجرَ إلى المدينةِ واستَوطَنَ بِهَا أَحبَّهَا وأَلِفَهَا كمَا أَحبَّ مَكةَ، بلْ كَانَ صَلى اللهُ عليه وسلم يَدعُو أَنْ يَرْزُقَهُ اللهَ حُبَّها كمَا في "صحيحِ البخاريِّ ومسلمٍ": "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ"، ودعَا عليه الصلاةُ والسلامُ بالبركةِ فيها وفي رِزقِهَا كمَا دعَا إبراهيمُ عليه السلامُ لِمَكةَ.
وكذلكَ كانَ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إذَا خَرجَ مِنَ المدينةِ لِغزوَةٍ أَو نَحوِهَا تَحَرَّكتْ نَفسُهُ إليهَا؛ فعَن أَنسِ بنِ مَالكٍ رضي اللهُ عنه قالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ -أي أَسْرَعَ بِهَا-، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا".. رواهُ البُخاريُّ. قالَ ابنُ حَجرٍ في "الفَتحِ": "فيهِ دَلَالَةٌ علَى فَضلِ المدينةِ وعلَى مَشروعيةِ حُبِّ الوَطَنِ والحَنينِ إليهِ".
وقالَ الحافظُ الذهبيُّ - مُعَدِّدًا طائفةً منْ مَحبُوباتِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "وكانَ يُحِبُّ عَائشةَ، ويُحبُّ أَبَاهَا، ويُحِبُّ أسامةَ، ويُحِبُّ سِبْطَيْهِ، ويُحِبُّ الحَلواءَ والعَسَلَ، ويُحِبُّ جَبَلَ أُحُدٍ، ويُحِبُّ وَطَنَهُ".
عبادَ اللهِ: إنَّ أَغلَى مَا يَملِكُ المَرءُ بعد دِينِهِ هُو الوَطَنُ، ومَا مِن إِنسانٍ إلاَّ وَيَعتَزُّ بوَطَنِهِ؛ لأنَّهُ مَهدُ صِباهُ ومَرتعُ طُفُولَتِهِ، ومَلجَأُ كُهُولَتِهِ، ومَنْبَعُ ذِكرَيَاتِهِ، ومَوطِنُ آبَائِهِ وأَجدَادِهِ، ومَأوَى أَبنَائِهِ وأَحفَادِهِ، وحُبُّ الأَوطَانِ غَريزَةٌ مُتَأَصِّلةٌ في النُّفُوسِ، تَجعَلُ الإِنسَانَ يَسترِيحُ إلى البَقَاءِ فَيهِ، ويَحِنُّ إِليهِ إذَا غَابَ عَنهُ، ويُدَافِعُ عَنهُ إذَا هُوجِمَ، ويَغضَبُ لَهُ إذَا انْتُقِصَ. حتَّى الحَيواناتُ لا تَرضَى بغَيرِ وَطنِهَا بَدِيلاً، ومِن أَجْلِهِ تُضَحِّي بكلِّ غَالٍ ونَفِيسٍ، والطُّيورُ تَعيشُ في عُشِّهَا في سَعادَةٍ ولا تَرضَى بغَيرِهِ ولَو كَانَ مِن حَريرٍ، والسَّمكُ يقَطَعُ آلافَ الأَميالِ مُتنقِّلاً عَبرَ البِحَارِ والمحِيطَاتِ ثُمَّ يَعودُ إِلى وَطَنِهِ، فإذَا كَانتْ هذِه سُنَّةُ اللهِ في المخلُوقَاتِ فَقدْ جَعَلَهَا اللهُ في فِطرَةِ الإِنسانِ، وإِلاَّ فمَا الذِي يَجعَلُ الإِنسَانَ الذِي يَعيِشُ في الْمَنَاطِقِ شَدِيدَةِ الحَرارَةِ، أو ذَلكَ الذي يَعِيشُ فِي القُطْبِ المتَجَمِّدِ الشَّمَالِيِّ تحتَ البَردِ القَارِسِ الدَّائمِ، أو ذَلكَ الذي يَعيِشُ في الغَاباتِ والأَدغَالِ يُعَانِي مِن مَخاطِرِ الحَياةِ كلَّ يَومٍ، مَا الذِي جَعلَهُم يَتحمَّلُونَ كلَّ ذَلكَ إلا حُبُّهُمْ لِوطَنِهِم ودِيَارِهِم!.
عباد الله: إن ارتباط الإنسان بوطنه وبلده مسألة متأصلة في النفس، فهو مسقط الرأس، ومستقر الحياة، ومكان العبادة، ومحل المال والعرض، ومكان الشرف، على أرضه يحيا، ويعبد ربه، ومن خيراته يعيش، ومن مائه يرتوي، وكرامته من كرامته، وعزته من عزته، به يعرف، وعنه يدافع، والوطن نعمة من الله على الفرد والمجتمع، ومحبة الوطن طبيعة طبع الله النفوس عليها، ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا إذا اضطرته أمور للخروج منه.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إننا في هذه البلاد المباركة نعيش في في نعم عظيمة، وإن من أعظم هذه النِّعَمِ التِي نَحْنُ فِيهَا هَذَا الدِّينَ الْعَظِيم، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الذِي لا يَقْبَلُ اللهُ دِينًا سِوَاه، ثُمَّ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنِ اتِّبَاعِ مَنْهَجِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الذِي تَقُومُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْبِلَادِ بِعُلَمَائِهَا وَحُكَّامِهَا وَأَهْلِهَا، فَعُلَمَاؤُنَا – بِحَمْدِ اللهِ – عُلَمَاءُ سُنَّةٍ لا عُلَمَاءُ بِدْعَة، وَوُلاةُ أَمْرِنَا يَقُومُونَ عَلَى هَذَا النَّهْج، وَلِذَلِكَ هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَدَارِسِنَا مِنَ الْتَعْلِيمِ الابْتِدَائِيِّ إِلَى الْجَامِعِيِّ وَإِلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا أَمْرٌ يَشْهَدُ بِهِ الْقَاصِي وَالدَّانِي.
وَانْظُرُوا فَلَيْسَ فِي بِلَادِنَا قُبُورٌ تُعْبَدُ وَلا أَوْلِيَاءُ يُدْعَوْنَ مِنْ دُونِ الله، وَلا تُقَامُ شَعَائِرُ الْبِدْعَةِ مِنَ الْمَوَالِدِ أَوِ الاحْتِفَالاتِ الدِّينِيَّةِ الْبِدْعِيَّة.
وَمِنَ النِّعَمِ التِي عِنْدَنَا : وُجُودُ الْحِرَمَيْنِ الشَّرِيفِيْنِ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَلَمْ تَزَلْ دَوْلَتُنَا عَلَى تَعَاقُبِ حُكَّامِهَا يُولُونَهُمَا الاهْتِمَامَ الْكَبِيرَ وَيَتَسَابَقُونَ عَلَى خِدْمَةِ الْمَسْجِدَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَعَلَى خِدْمَةِ الزُّوَّارِ وَالْعُمَّارِ وَالْحُجَّاج، وَكَمْ تَوَالَتِ التَّوْسِعَاتُ الْعَظِيمَةُ التِي صُرِفَتْ فِيهَا الْمَلايِينُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالتَّنْظِيفِ وَالتَّنْظِيمِ لِأَطْهَرِ الْبِقَاعِ عَلَى وَجْهِ الأَرْض.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ قَاهِرِ المُتجبِّرينَ، ومُوهِنِ كَيدِ الكَائِدينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَه إلهُ الأولينَ والآخرينَ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُهُ سيِّدُ الأنبياءِ والمُرسَلينَ، عليهِ وعلَى آلِهِ وأصحَابِهِ أَفضلُ الصلاةِ والتَّسلِيمِ. أما بعدُ:
أيها النَّاسُ: اتقوا الله، واعلموا -رحكم الله-: أنَّ مَحَبَّةَ الوطَنِ تَقْتَضِي عَدَمَ الإتْيَانِ بِمَا مِنْ شَأنِهِ المِسَاسُ بِوَحْدَتِهِ وَلُحْمَتِهِ، فَالتَّفْرِقَةُ والتَّشَرْذُمُ -لأَيِّ اعْتِبَارٍ كَانَتْ- وَبَالٌ وَمَهْلَكَةٌ، لأَجْلِ ذَلِكَ حَذَّرَ اللهُ عزَّ وَجَلَّ مِنْهَا كَثيرًا فِي كِتَابِهِ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ “، وَقَدْ أَخْبَرَ المُصْطَفَى فِي أَكْثَرِ مِنْ مَوقِفٍ عَلَى أَهَمِّـيَّةِ التَّآلُفِ وَخُطُورَةِ التَّفْرِقَةِ وَالتَّنَازُعِ، مِنْ ذَلِكَ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم : ((أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: صَلاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ))، فَكَمْ أُهْـلِكَتْ مِنْ قَبْلِنا أُمَمٌ بِسَبَبِ تَنَازُعِهِا، وَامَّحَتْ حَضَارَاتٌ بِسَبَبِ تَفَرُّقِ أَهْـلِهَا. إِنَّ أَوَّلَ نَوَاةٍ لِبِنَاءِ الوَطَنِ وَقِيَامِ الدَّوْلَةِ وَتَأْسِيسِ الحَضَارَةِ هِيَ الوَحْدَةُ والتَّكَافُلُ والتَّآلُفُ بَيْنَ أَفْرَادِ المُجْـتَمَعِ، وَهَذَا مَا حَرَصَ عَلَيْهِ نَبِيُّنَا الكَرِيمُ صلى الله عليه وسلم وَهُو يَضَعُ أُسُسَ الدَّوْلَةِ المُسْلِمَةِ فِي المَدِينَةِ، فَآخَى بَينَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَوَضَعَ وَثِيقَةَ المَدِينَةِ، وَبَثَّ رُوحَ التَّآلُفِ وَالمَحَبَّةِ. إِنَّ هُنَاكَ – يَا عِبَادَ اللهِ- مَنْ لا يَحْـلُو لَهُمْ إِلاَّ قَطْعُ حِبَالِ تَآلُفِكُمْ، وَتَمْزِيقُ أَوْصَالِ وَحدَتِكُمْ، وَهَدْمُ بِنَاءِ دَوْلَتِكُمْ، فَلا يَفْتَؤُونَ يَنْشُرُونَ الشَّائِعَاتِ، وَيَبُثُّونَ الافْتِرَاءَاتِ، لأَجْـلِ إِضْعَافِ مَنْزِلَةِ الوَطَنِ فِي النُّفُوسِ، وَهَدْمِ الشُّعُورِ بِالاعتِزَازِ بِهِ، مُسْتَغِلِّينَ فِي ذَلِك التِّقْنِيَّةَ الحَدِيثَةَ وَوَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الاجْـتِمَاعِيِّ. فَاحْذَرُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- مِنْ أَنْ تَصْـنَعُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ لِهَؤُلاءِ أَبْوَاقًا، أَوْ أَنْ تَجْعَلُوا نَوَادِيَكُمْ لِبِضَاعَتِهِمْ أَسْوَاقًا، فَإنَّ فِي ذَلكَ خِيَانَةً وَتَضْيِيْعًا للأمَانةِ.
وَقِفُوا أيها الكرام صَفًّا واحِدًا فِي وَجْهِ كُلِّ مُرْجِفٍ، وَتَنَبَّهُوا لِسَعْيِ كُلِّ مُفْسِدٍ، اغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وَمَجْدِهِ التَّلِيدِ، حَتَّى يُحَقِّقُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَعْنَى المُوَاطَنَةِ الصَّالِحَةِ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ.
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْحَاسِدِينَ، مِنْ أَعْدَاءِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ.
هَذا وَصلُّوُا وسَلِّموا.
فَاتَّقُوا اللهَ أيها الناس حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله:
الحَديثُ عَن حُبِّ الأوطانِ، هو حَديثٌ يُثيرُ الأشواقَ والأشجانَ، حَديثٌ عَن فِطرةٍ في الإنسانِ والحَيوانِ، فالبَشرُ حَنينُها إلى أوطانِها، والدَّوابُّ إلى مساكنِها، والإبلُ إلى معاطنِها، والطُّيورُ إلى أَوكارِها، والأسماكُ إلى بِحارِها، عَلاقةٌ غَريبةٌ بينَ المَخلوقاتِ وبينَ التُّرابِ، حَتى أصبحَ مُفارقَتُهُ قطعةً من العذابِ، وفي الحَديثِ: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ".
الوطنُ: قِصَّةٌ كَتَبَها التَّاريخُ بِدِماءِ المُجاهدينَ، وبِعَرقِ المُكَافِحينَ، وبِصَبرِ الأَوَلينَ، وبِدُعاءِ الصَّالحينَ، الوطن .. هو ماضينا وذكرياتُنا، هو حَاضرُنا وتَضحياتُنا، هو مُستقبلُنا وأمنياتُنا، فيهِ تَعلَّمنا الجُودَ والفَيضَ والعَطاءَ، وعَلى أرضِه تطيبُ المُبادرةُ التَّضحيةُ والنَّماءُ، وله يَهونُ التَّعبُ والمَشقةُ والبِناءُ.
حبُّ الأوطانِ في قلوبِ النَّاسِ كالجبالِ، ولو لم يكنْ فيها شيءٌ من الجمالِ، يقولُ القَزوينيُّ في آثارِ البلادِ وأخبارِ العبادِ عن بلدةِ الرَّصَافةِ: ومن عَجيبِ هذه البَلدةِ، أنَّ ليسَ بها زرعٌ ولا ضَرعٌ ولا ماءٌ، ولا أَمنٌ ولا تجارةٌ، ولا صَنعةٌ مَرغوبةٌ، وأهلُها يَسكنونَها .. ثُمَّ قَالَ: ولولا حُبُّ الوَطنِ لخَربِتْ، وصدقَ القائلُ:
بلادٌ أَلِفنَاها على كُلِّ حَالةٍ *** وقد يُؤْلَفُ الشَّيءُ الذي لَيسَ بالحَسنْ
وتُسْتعذبُ الأرضُ التي لا هَواءَ بها *** ولا ماؤها عَذبٌ، ولكنَّها وَطَنْ
ويقول الآخر:
وللأوطان في دمِ كلِ حُرٍ *** يدٌ سلفت ودينٌ مستحقُ
عباد الله: إن أغلى ما يملك المرء الدين والوطن، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه؛ لأنه مهد صباه ومدرج خطاه ومرتع طفولته، وملجأ كهولته، ومنبع ذكرياته، وموطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، لذلك كان من الحقوق والواجبات الاجتماعية في الإسلام والتي غرسها في فطرة الإنسان حقوق الوطن والأرض التي يعيش فيها ويأكل من خيرها ويعبد الله تحت سمائها، وأول هذه الحقوق الحب الصادق لهذا الوطن.
وكانَ صلى الله عليه وسلم يُحبُّ مَكةَ حُباً شَديداً، ثُمَّ لَمَّا هاجرَ إلى المدينةِ واستَوطَنَ بِهَا أَحبَّهَا وأَلِفَهَا كمَا أَحبَّ مَكةَ، بلْ كَانَ صَلى اللهُ عليه وسلم يَدعُو أَنْ يَرْزُقَهُ اللهَ حُبَّها كمَا في "صحيحِ البخاريِّ ومسلمٍ": "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ"، ودعَا عليه الصلاةُ والسلامُ بالبركةِ فيها وفي رِزقِهَا كمَا دعَا إبراهيمُ عليه السلامُ لِمَكةَ.
وكذلكَ كانَ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إذَا خَرجَ مِنَ المدينةِ لِغزوَةٍ أَو نَحوِهَا تَحَرَّكتْ نَفسُهُ إليهَا؛ فعَن أَنسِ بنِ مَالكٍ رضي اللهُ عنه قالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ -أي أَسْرَعَ بِهَا-، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا".. رواهُ البُخاريُّ. قالَ ابنُ حَجرٍ في "الفَتحِ": "فيهِ دَلَالَةٌ علَى فَضلِ المدينةِ وعلَى مَشروعيةِ حُبِّ الوَطَنِ والحَنينِ إليهِ".
وقالَ الحافظُ الذهبيُّ - مُعَدِّدًا طائفةً منْ مَحبُوباتِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "وكانَ يُحِبُّ عَائشةَ، ويُحبُّ أَبَاهَا، ويُحِبُّ أسامةَ، ويُحِبُّ سِبْطَيْهِ، ويُحِبُّ الحَلواءَ والعَسَلَ، ويُحِبُّ جَبَلَ أُحُدٍ، ويُحِبُّ وَطَنَهُ".
عبادَ اللهِ: إنَّ أَغلَى مَا يَملِكُ المَرءُ بعد دِينِهِ هُو الوَطَنُ، ومَا مِن إِنسانٍ إلاَّ وَيَعتَزُّ بوَطَنِهِ؛ لأنَّهُ مَهدُ صِباهُ ومَرتعُ طُفُولَتِهِ، ومَلجَأُ كُهُولَتِهِ، ومَنْبَعُ ذِكرَيَاتِهِ، ومَوطِنُ آبَائِهِ وأَجدَادِهِ، ومَأوَى أَبنَائِهِ وأَحفَادِهِ، وحُبُّ الأَوطَانِ غَريزَةٌ مُتَأَصِّلةٌ في النُّفُوسِ، تَجعَلُ الإِنسَانَ يَسترِيحُ إلى البَقَاءِ فَيهِ، ويَحِنُّ إِليهِ إذَا غَابَ عَنهُ، ويُدَافِعُ عَنهُ إذَا هُوجِمَ، ويَغضَبُ لَهُ إذَا انْتُقِصَ. حتَّى الحَيواناتُ لا تَرضَى بغَيرِ وَطنِهَا بَدِيلاً، ومِن أَجْلِهِ تُضَحِّي بكلِّ غَالٍ ونَفِيسٍ، والطُّيورُ تَعيشُ في عُشِّهَا في سَعادَةٍ ولا تَرضَى بغَيرِهِ ولَو كَانَ مِن حَريرٍ، والسَّمكُ يقَطَعُ آلافَ الأَميالِ مُتنقِّلاً عَبرَ البِحَارِ والمحِيطَاتِ ثُمَّ يَعودُ إِلى وَطَنِهِ، فإذَا كَانتْ هذِه سُنَّةُ اللهِ في المخلُوقَاتِ فَقدْ جَعَلَهَا اللهُ في فِطرَةِ الإِنسانِ، وإِلاَّ فمَا الذِي يَجعَلُ الإِنسَانَ الذِي يَعيِشُ في الْمَنَاطِقِ شَدِيدَةِ الحَرارَةِ، أو ذَلكَ الذي يَعِيشُ فِي القُطْبِ المتَجَمِّدِ الشَّمَالِيِّ تحتَ البَردِ القَارِسِ الدَّائمِ، أو ذَلكَ الذي يَعيِشُ في الغَاباتِ والأَدغَالِ يُعَانِي مِن مَخاطِرِ الحَياةِ كلَّ يَومٍ، مَا الذِي جَعلَهُم يَتحمَّلُونَ كلَّ ذَلكَ إلا حُبُّهُمْ لِوطَنِهِم ودِيَارِهِم!.
عباد الله: إن ارتباط الإنسان بوطنه وبلده مسألة متأصلة في النفس، فهو مسقط الرأس، ومستقر الحياة، ومكان العبادة، ومحل المال والعرض، ومكان الشرف، على أرضه يحيا، ويعبد ربه، ومن خيراته يعيش، ومن مائه يرتوي، وكرامته من كرامته، وعزته من عزته، به يعرف، وعنه يدافع، والوطن نعمة من الله على الفرد والمجتمع، ومحبة الوطن طبيعة طبع الله النفوس عليها، ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا إذا اضطرته أمور للخروج منه.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إننا في هذه البلاد المباركة نعيش في في نعم عظيمة، وإن من أعظم هذه النِّعَمِ التِي نَحْنُ فِيهَا هَذَا الدِّينَ الْعَظِيم، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الذِي لا يَقْبَلُ اللهُ دِينًا سِوَاه، ثُمَّ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنِ اتِّبَاعِ مَنْهَجِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الذِي تَقُومُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْبِلَادِ بِعُلَمَائِهَا وَحُكَّامِهَا وَأَهْلِهَا، فَعُلَمَاؤُنَا – بِحَمْدِ اللهِ – عُلَمَاءُ سُنَّةٍ لا عُلَمَاءُ بِدْعَة، وَوُلاةُ أَمْرِنَا يَقُومُونَ عَلَى هَذَا النَّهْج، وَلِذَلِكَ هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَدَارِسِنَا مِنَ الْتَعْلِيمِ الابْتِدَائِيِّ إِلَى الْجَامِعِيِّ وَإِلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا أَمْرٌ يَشْهَدُ بِهِ الْقَاصِي وَالدَّانِي.
وَانْظُرُوا فَلَيْسَ فِي بِلَادِنَا قُبُورٌ تُعْبَدُ وَلا أَوْلِيَاءُ يُدْعَوْنَ مِنْ دُونِ الله، وَلا تُقَامُ شَعَائِرُ الْبِدْعَةِ مِنَ الْمَوَالِدِ أَوِ الاحْتِفَالاتِ الدِّينِيَّةِ الْبِدْعِيَّة.
وَمِنَ النِّعَمِ التِي عِنْدَنَا : وُجُودُ الْحِرَمَيْنِ الشَّرِيفِيْنِ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، وَلَمْ تَزَلْ دَوْلَتُنَا عَلَى تَعَاقُبِ حُكَّامِهَا يُولُونَهُمَا الاهْتِمَامَ الْكَبِيرَ وَيَتَسَابَقُونَ عَلَى خِدْمَةِ الْمَسْجِدَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَعَلَى خِدْمَةِ الزُّوَّارِ وَالْعُمَّارِ وَالْحُجَّاج، وَكَمْ تَوَالَتِ التَّوْسِعَاتُ الْعَظِيمَةُ التِي صُرِفَتْ فِيهَا الْمَلايِينُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالتَّنْظِيفِ وَالتَّنْظِيمِ لِأَطْهَرِ الْبِقَاعِ عَلَى وَجْهِ الأَرْض.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ قَاهِرِ المُتجبِّرينَ، ومُوهِنِ كَيدِ الكَائِدينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَه إلهُ الأولينَ والآخرينَ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُهُ سيِّدُ الأنبياءِ والمُرسَلينَ، عليهِ وعلَى آلِهِ وأصحَابِهِ أَفضلُ الصلاةِ والتَّسلِيمِ. أما بعدُ:
أيها النَّاسُ: اتقوا الله، واعلموا -رحكم الله-: أنَّ مَحَبَّةَ الوطَنِ تَقْتَضِي عَدَمَ الإتْيَانِ بِمَا مِنْ شَأنِهِ المِسَاسُ بِوَحْدَتِهِ وَلُحْمَتِهِ، فَالتَّفْرِقَةُ والتَّشَرْذُمُ -لأَيِّ اعْتِبَارٍ كَانَتْ- وَبَالٌ وَمَهْلَكَةٌ، لأَجْلِ ذَلِكَ حَذَّرَ اللهُ عزَّ وَجَلَّ مِنْهَا كَثيرًا فِي كِتَابِهِ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ “، وَقَدْ أَخْبَرَ المُصْطَفَى فِي أَكْثَرِ مِنْ مَوقِفٍ عَلَى أَهَمِّـيَّةِ التَّآلُفِ وَخُطُورَةِ التَّفْرِقَةِ وَالتَّنَازُعِ، مِنْ ذَلِكَ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم : ((أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: صَلاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ))، فَكَمْ أُهْـلِكَتْ مِنْ قَبْلِنا أُمَمٌ بِسَبَبِ تَنَازُعِهِا، وَامَّحَتْ حَضَارَاتٌ بِسَبَبِ تَفَرُّقِ أَهْـلِهَا. إِنَّ أَوَّلَ نَوَاةٍ لِبِنَاءِ الوَطَنِ وَقِيَامِ الدَّوْلَةِ وَتَأْسِيسِ الحَضَارَةِ هِيَ الوَحْدَةُ والتَّكَافُلُ والتَّآلُفُ بَيْنَ أَفْرَادِ المُجْـتَمَعِ، وَهَذَا مَا حَرَصَ عَلَيْهِ نَبِيُّنَا الكَرِيمُ صلى الله عليه وسلم وَهُو يَضَعُ أُسُسَ الدَّوْلَةِ المُسْلِمَةِ فِي المَدِينَةِ، فَآخَى بَينَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَوَضَعَ وَثِيقَةَ المَدِينَةِ، وَبَثَّ رُوحَ التَّآلُفِ وَالمَحَبَّةِ. إِنَّ هُنَاكَ – يَا عِبَادَ اللهِ- مَنْ لا يَحْـلُو لَهُمْ إِلاَّ قَطْعُ حِبَالِ تَآلُفِكُمْ، وَتَمْزِيقُ أَوْصَالِ وَحدَتِكُمْ، وَهَدْمُ بِنَاءِ دَوْلَتِكُمْ، فَلا يَفْتَؤُونَ يَنْشُرُونَ الشَّائِعَاتِ، وَيَبُثُّونَ الافْتِرَاءَاتِ، لأَجْـلِ إِضْعَافِ مَنْزِلَةِ الوَطَنِ فِي النُّفُوسِ، وَهَدْمِ الشُّعُورِ بِالاعتِزَازِ بِهِ، مُسْتَغِلِّينَ فِي ذَلِك التِّقْنِيَّةَ الحَدِيثَةَ وَوَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الاجْـتِمَاعِيِّ. فَاحْذَرُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- مِنْ أَنْ تَصْـنَعُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ لِهَؤُلاءِ أَبْوَاقًا، أَوْ أَنْ تَجْعَلُوا نَوَادِيَكُمْ لِبِضَاعَتِهِمْ أَسْوَاقًا، فَإنَّ فِي ذَلكَ خِيَانَةً وَتَضْيِيْعًا للأمَانةِ.
وَقِفُوا أيها الكرام صَفًّا واحِدًا فِي وَجْهِ كُلِّ مُرْجِفٍ، وَتَنَبَّهُوا لِسَعْيِ كُلِّ مُفْسِدٍ، اغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وَمَجْدِهِ التَّلِيدِ، حَتَّى يُحَقِّقُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَعْنَى المُوَاطَنَةِ الصَّالِحَةِ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ.
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْحَاسِدِينَ، مِنْ أَعْدَاءِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ.
هَذا وَصلُّوُا وسَلِّموا.