التوكل على الله تعالى (مختصرة)
معاشر المسلمين: إن الخلق مهما تباينت اتجاهاتهم، وتفرقت مذاهبهم، وتباعدت دياناتهم، إلا أنهم مفطورون على الفقر والاحتياج إلى الغير، ولهذا تجد أن غنيهم وفقيرهم وإن تفاوتت طبقاتهم لهم ما يركنون إليه، ويستعينون به ويستشيرونه في أمورهم، ولو انعزل أحدهم عن الناس لضاقت عليه الدنيا بأسرها؛ لأنه خالف الفطرة التي فُطر عليها .
عباد الله: لقد أفلح وأنجح من كان اعتماده وتوكله على الله، وكان لجوؤه وافتقاره إلى الله -عز وجل-، ولقد خاب وخسر من كان لجوؤه وتوكله على مخلوق ضعيف مثله .
أيها المسلمون!
إن راحةَ التوكل جزاءُ حسنِ الظنِّ بالله؛ وفي حسنِ الظن بالله راحةُ القلوب، والتوكل جماعُ حسنِ الظنِّ بالله، سيما مع تعسُّرِ الظروفِ وانعدامِ الأسباب الحسية، قال الخُرَيبي: " أرى التوكلَ حسنَ الظنِّ بالله -عز وجل- "، وقال إبراهيمُ بنُ شيبانَ: " حسنُ الظنِّ باللهِ هو اليأسُ عن كلِّ شيءٍ سوى اللهِ -عز وجل- "، واللهُ عند ظنِّ عبدِه به.
ومِن جزاءِ ظنِّ المتوكلِ الحُسْنَ بربِّه أنْ جعل كفايتَه الربانيةَ المطلقةَ جزاءَ توكلِّه، كما قال الله –تعالى-: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه، قال بعضُ السلفِ: "جَعَلَ اللهُ –تعالى- لكل عملٍ جزاءً مِن جنسه، وجعل جزاءَ التوكلِ عليه نفْسَ كفايتِه لعبده، فقال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾، ولم يقل: نؤْتِهِ كذا وكذا من الأجر، كما قال في الأعمال، بل جعل نفْسَه –سبحانه- كافيَ عبدِه المتوكلِ عليه وحسبَه وواقيَه؛ فلو توكّلَ العبدُ على الله –تعالى- حقَّ توكلِه وكادَتْه السمواتُ والأرضُ ومَن فيهن لَجعلَ له مخرجًا من ذلك، وكفاه، ونَصَرَه "، وهل بعد كفايةِ الله كفايةٌ؟! وهل يبقى مع كفاية الله خوفٌ وحزنٌ؟! قال عليٌّ –رضي اللهُ عنه-: " يا أيها الناسُ، توكَّلوا على الله، وَثِقُوا به؛ فإنه يكفي ممّن سواه ".
قال أبو قدامةَ الرمليُّ: قرأ رجلٌ هذه الآيةَ: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58]، فأقبلَ عليَّ سليمانُ الخوّاصُ، فقالَ: يا أبا قدامةَ، ما ينبغي لعبدٍ بعد هذه الآيةِ أن يَلجأَ إلى أحدٍ غيرِ اللهِ في أمرِه، ثمّ قال: انظرْ كيف قال اللهُ -تبارك وتعالى-: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾، ثم أَخْبرَك بأنه خبيرٌ بصيرٌ، ثم قال: واللهِ يا أبا قدامةَ، لو عامَلَ عبدٌ اللهَ بحسنِ التوكلِ، وصِدْقِ النيةِ له بطاعتِه؛ لاحتاجت إليه الأمراءُ فمَن دُونهم، فكيف يكونُ هذا محتاجًا، وموئلُه وملجؤُه إلى الغنيِّ الحميد؟! ».
عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ التوكل على الله نابع من الإيمان به سبحانه فالإيمان بوجود الله تعالى يعل العبد يطمئن وتستقر نفسه فهو يعلم أن له رباً خلقه وهو يرزقه ويحميه.
أيها الناس: إن التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب، بل إن الإعراض عن الأخذ بالأسباب تواكل وقدحٌ في العقل، ولهذا قرن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بين التوكل والأخذ بالأسباب، وبيَّن ذلك عمليًّا في أثناء حياته، فمن ذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان يلبس لأمة الحرب، ويظاهر بين درعين، وكان يطلب الرزق من مظانه، وكان ينهى عن الاتكال المفضي إلى ترك العمل وإنكار الأسباب .
معاشر المسلمين: إن الناظر في أحوال الخلق يرى أنهم أصناف متعددة في باب التوكل فصنف اتكل على ربه، وعلم أن مقاليد الخلق بيده فهو متعلق بالله يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وعلم أن الأخذ بالأسباب من تمام التوكل وهؤلاء هم المتوكلون حقًّا.
وصنف آخر: وهم الذين ادعوا التوكل، وهو منهم براء؛ فهم يتركون العمل باسم التوكل، وما ذاك إلا أنهم تكاسلوا عن فعل السبب، وهؤلاء في الحقيقة هم المتواكلون، المخالفون للهدي المحمدي، وفيهم قال عمر لما رأى بعد الصلاة قومًا قابعين في المسجد بدعوى التوكل على الله، فعَلَاهم بدرته، وقال: "لا يقعُدَنَّ أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، وإن الله يقول: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة: 10].
عباد الله: لقد أفلح وأنجح من كان اعتماده وتوكله على الله، وكان لجوؤه وافتقاره إلى الله -عز وجل-، ولقد خاب وخسر من كان لجوؤه وتوكله على مخلوق ضعيف مثله .
أيها المسلمون!
إن راحةَ التوكل جزاءُ حسنِ الظنِّ بالله؛ وفي حسنِ الظن بالله راحةُ القلوب، والتوكل جماعُ حسنِ الظنِّ بالله، سيما مع تعسُّرِ الظروفِ وانعدامِ الأسباب الحسية، قال الخُرَيبي: " أرى التوكلَ حسنَ الظنِّ بالله -عز وجل- "، وقال إبراهيمُ بنُ شيبانَ: " حسنُ الظنِّ باللهِ هو اليأسُ عن كلِّ شيءٍ سوى اللهِ -عز وجل- "، واللهُ عند ظنِّ عبدِه به.
ومِن جزاءِ ظنِّ المتوكلِ الحُسْنَ بربِّه أنْ جعل كفايتَه الربانيةَ المطلقةَ جزاءَ توكلِّه، كما قال الله –تعالى-: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه، قال بعضُ السلفِ: "جَعَلَ اللهُ –تعالى- لكل عملٍ جزاءً مِن جنسه، وجعل جزاءَ التوكلِ عليه نفْسَ كفايتِه لعبده، فقال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾، ولم يقل: نؤْتِهِ كذا وكذا من الأجر، كما قال في الأعمال، بل جعل نفْسَه –سبحانه- كافيَ عبدِه المتوكلِ عليه وحسبَه وواقيَه؛ فلو توكّلَ العبدُ على الله –تعالى- حقَّ توكلِه وكادَتْه السمواتُ والأرضُ ومَن فيهن لَجعلَ له مخرجًا من ذلك، وكفاه، ونَصَرَه "، وهل بعد كفايةِ الله كفايةٌ؟! وهل يبقى مع كفاية الله خوفٌ وحزنٌ؟! قال عليٌّ –رضي اللهُ عنه-: " يا أيها الناسُ، توكَّلوا على الله، وَثِقُوا به؛ فإنه يكفي ممّن سواه ".
قال أبو قدامةَ الرمليُّ: قرأ رجلٌ هذه الآيةَ: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58]، فأقبلَ عليَّ سليمانُ الخوّاصُ، فقالَ: يا أبا قدامةَ، ما ينبغي لعبدٍ بعد هذه الآيةِ أن يَلجأَ إلى أحدٍ غيرِ اللهِ في أمرِه، ثمّ قال: انظرْ كيف قال اللهُ -تبارك وتعالى-: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾، ثم أَخْبرَك بأنه خبيرٌ بصيرٌ، ثم قال: واللهِ يا أبا قدامةَ، لو عامَلَ عبدٌ اللهَ بحسنِ التوكلِ، وصِدْقِ النيةِ له بطاعتِه؛ لاحتاجت إليه الأمراءُ فمَن دُونهم، فكيف يكونُ هذا محتاجًا، وموئلُه وملجؤُه إلى الغنيِّ الحميد؟! ».
عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ التوكل على الله نابع من الإيمان به سبحانه فالإيمان بوجود الله تعالى يعل العبد يطمئن وتستقر نفسه فهو يعلم أن له رباً خلقه وهو يرزقه ويحميه.
أيها الناس: إن التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب، بل إن الإعراض عن الأخذ بالأسباب تواكل وقدحٌ في العقل، ولهذا قرن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بين التوكل والأخذ بالأسباب، وبيَّن ذلك عمليًّا في أثناء حياته، فمن ذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان يلبس لأمة الحرب، ويظاهر بين درعين، وكان يطلب الرزق من مظانه، وكان ينهى عن الاتكال المفضي إلى ترك العمل وإنكار الأسباب .
معاشر المسلمين: إن الناظر في أحوال الخلق يرى أنهم أصناف متعددة في باب التوكل فصنف اتكل على ربه، وعلم أن مقاليد الخلق بيده فهو متعلق بالله يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وعلم أن الأخذ بالأسباب من تمام التوكل وهؤلاء هم المتوكلون حقًّا.
وصنف آخر: وهم الذين ادعوا التوكل، وهو منهم براء؛ فهم يتركون العمل باسم التوكل، وما ذاك إلا أنهم تكاسلوا عن فعل السبب، وهؤلاء في الحقيقة هم المتواكلون، المخالفون للهدي المحمدي، وفيهم قال عمر لما رأى بعد الصلاة قومًا قابعين في المسجد بدعوى التوكل على الله، فعَلَاهم بدرته، وقال: "لا يقعُدَنَّ أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، وإن الله يقول: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة: 10].